حكاية الولد الفقير
في الصحاري والمفازات حتى وصل إلى العرق وقصد الحداد فوجده كعادته يضرب ضړبة ويجيئ لقاع الدكان
فسلم عليه وقال له لقد رجعت ومعي قصة صاحب الياقوت فرح وأجابه هيا بنا نجلس وأنت أحكيها لي
بدأ يحكى كان الحداد يستمع ويهز رأسه عجبا فلما أتمها رد عليه يا لها من قصة ثم تنهد وقال لكن قصتي لا تقل عنها غرابة أيضا
... بدأ الحداد يحكى قصته للولد الفقير وقال كما ترى أنا حداد وأبي كان كذلك وقبله جدي وارتقيت حتى صرت أمين الحدادين في هذه البلاد ولي مقصورة في آخر الدكان أرتاح فيها وكان فيها شباك صغير يدخل منه الضوء
لكنها طارت بي في الهواء ولم أفهم كيف مررت من الشباك الصغير وكيف قدرت الحمامة على حملي فأغمضت عيني وأنا لا أصدق ما يحدث لي ولما فتحتهما وجدت نفسي أمام قصر عظيم فوقفت مبهوتا متعجبا وأنا أنظر للزخارف البديعة على الحيطان و إلى النوافذ التي يغطيها الذهب والعاج
فدخلت وسارت العربة في القصر حتى وصلت أمام حمام من الرخام فخرج العبيد وقادوني إلى حوض ماء ساخن وخلعوا ثيابي المتسخة ونظفوني من السواد الذي على جسمي
ثم أشاروا إلى عرش من الذهب وطلبوا مني الجلوس وأنا لا أصدق ما يحصل وأفرك عيني لأتأكد أني لا أحلم وقلت في نفسي أجلس وأمري لله
فأحاط بي الحاشية والوزراء وهم ينادونني بسيدي السلطان وجاء الشعراء فألقوا القصائد ومدحوني ثم قدم الخدم وفتحوا باب الحريم وأحضروا جارية لم ير الراؤون أجمل منها أجلسوها بجانبي وأنا أسترق النظر إليها
أجابته من عادتنا إذا ماټ السلطان خرجنا إلى أمام القصر وأول واحد نجده نعينه السلطان ويتزوج أرملته ولقد شاء حظك أن تكون اليوم أول من يقف هناك
وبعد أشهرحملت الملكة وأنجبت الولد الأول والثاني ثم أنجبت بنتا كفلقة قمر وأعطتني الدنيا ما لم أكن أحلم به .
لحسن التطواني مرت الأيام وأنا غارق في الخير وعوض أن أحمد الله على النعمة أصبحت أتجبر وتملكني الغرور
وقال لي تلك جاريتك وهنيئا مولاي ووبدأنا الإستعداد للعرس فجاءتني يوما زوجتي وسألتني هل صحيح أنك ستتزوج
أجبتها وما المانع فالشرع أحل لي أربعة وبدأت تجادلني فرفعت يدي ولطمتها فأخفت وجهها بين يديها وبدأت تبكي ودموعها تسيل غزيرة على صدرها وقالت سأتيك يوم ټندم فيه
فأجبتها بغلظة لا يمكن أن يحدث لي شيء فأنا السلطان ولا أحد مثلي لما أتممت كلامي إلتفتت ورائي فرأيت نفس الحمامة البيضاء فغرني الطمع وقلت في نفسي المرة الأولى نقلتني إلى هنا وأصبحت السلطان إلى أين ستحمليني هذه المرة ربما إلى بلاد الهند والسند حيث جبال الذهب والألماس
أمسكت بساقي الحمامة وأغمضت عيني ولما فتحتهما وجدت نفسي في دكاني وعلي المئزر الۏسخ والسواد عالق بوجهي فكدت أجن وصرت أضرب ضړبة وأجري لقاع الدكان لعل الحمامة تعود وتحملني إلى تلك الأرض التي كنت فيها وأنا لا أريد شيئا لا ملك ولا ذهب فقط أشتهي رؤية إمرأتي وأولادي
قال له الفتى والله حكايتك عجيبة لكن هذا عاقبة الطمع وجزاء الإنسان